روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | إليك أيها الأب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > إليك أيها الأب


  إليك أيها الأب
     عدد مرات المشاهدة: 4539        عدد مرات الإرسال: 0

حديثي إليك أيها الأب الغيور عن نعمة قد تنقلب نقمة! وعن منحة قد تنقلب محنة، وعن عطاء قد يكون شقاء! إنهم الأبناء!! هذه البراعم الناعمة، والأكباد التي تمشي على الأرض، التي إن لم نحسن رعايتها فلربما تمنى الأب أنه لم يرزق بهم وأنه كان عقيماً -نسأل الله السلامة والعافية...

أكتب ذلك ليس من باب التشاؤم ولكنه من باب الواقع المشاهد، فكم من أبٍ لم يكن يعرف طريق الشرطة، لم يدخله مراكزها إلا فلذات كبده. وكم من أبٍ لم تخرج دمعته ذلاً وهواناً أمام الرجال قط، لم يخرجها إلاّ أبناؤه، بل كم من والد أدخله أبناؤه زنزانات السجون -نعوذ بالله من عقوقهم-...

أيها الأب الشفوق، إذا أردت أن تدرك بر الأبناء وتذوق حلاوة نفعهم فإربطهم بالحياة الباقية لا الفانية، ليكن همك أن تجتمع بهم في قصور الجنة وخيامها وعلى أرائكها، لا أن يكون همك تسمين أبدانهم وكسوتهم، وتذكر أن أسراً كثيرة ستتمزق غداً على الصراط إذا ضُرب على متن جهنم... تلك الأسر التي كان همّ راعيها الدنيا فحسب! همه حضور إبنه للمدرسة ولو غاب عن المسجد، همه إرتفاع معدله ودرجاته ولو إنخفض مستوى إيمانه وأخلاقه، همه أن يتملك في الدنيا بيتاً ليجمع أبناءه فيه ولو كان أبناؤه يسيرون في حياتهم إلى أودية النار تركاً للفرائض وإنتهاكاً للحرمات، همه أن يخلف لأبنائه ثروة ومالاً ولو كان يعلم أنهم لربما إستعانوا بها على معصية الله.

إن هذه التربية المهترئة المنحلة لا تبلغك أيها الأب برهم ولا نفعهم لا في الحياة الدنيا، ولا في الآخرة... لذا أوصيك أيها الأب المشفق بعدة وصايا عسى إن عملت بها ألاّ تحرم السعادة بهم فوق الأرض، والفرح بهم يوم العرض، والإجتماع بهم على الأرائك متكئين في جنات النعيم.

= الوصية الأولى:

أكثرْ من الدعاء لهم بالصلاح والهداية، وإحذر من الدعاء عليهم، لا تعن شياطين الجن والإنس على أبنائك، ولا تيأس من هدايتهم، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فقلب إبنك لن يكون أقسى من قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي خرج يوم إسلامه يريد قتل محمد صلوات الله وسلامه عليه فما غربت شمس ذاك اليوم إلاّ ومحمد عليه الصلاة والسلام أحب الناس اليه ببركة دعائه عليه الصلاة والسلام.

= الوصية الثانية:

برّك أنت أيها الأب بأبيك وأمك، فإن البر دين، فإن أقرضته والديك إستوفيته من أبنائك أضعافاً مضاعفة، وإلاّ فستشرب كؤوساً من العقوق مترعة «برّوا آبانكم تبركم أبناؤكم».

فإعمل مع والديك ما تحب أن يعمله أبناؤك معك غداً، وإبذر تحت أقدامهما ما شئت أن تحصده من أبنائك غداً.

= الوصية الثالثة:

إحذر أن يشاركك في تربيتهم قناة فضائية أو جليس سوء، فإن ما زرعته وسقيته في أعوام قد تحرقه لقطة في مسلسل أو مشهد من فيلم أو صورة فاجرة يعرضها زميل، فإحفظ جوارحهم وخاصة -العين والأذن- فإنهما نافذتان إلى القلب، إن أطلقتا في الحرام فلن تستقيم لك تربية، ولن تدرك براً، وسينهار كل بناء للفضيلة تريد أن تعليه في نفوسهم، وذلك أن العين أو الأذن إن هي زنت، فلا بد أن يبحث الفرج عما يطفئ لهيب تلك النظرات الفاجرة وتلك النغمات المحرمة.

= الوصية الرابعة:

أطعمهم الحلال فـ «أيما جسد نبت من سُحت فالنار أولى به» فما نزعت بركة كثير من الأبناء إلا بسبب لقمة الحرام، فكم من أبٍ أعجبه قوام أبنائه وقد غذاهم الحرام، وما علم أن هؤلاء الأبناء قد يكونون غداً شوكة في خاصرته، وغصة في حلقه، وسبب شقائه في دنياه وأخراه، بسبب شؤم ذاك المال الحرام، فإتق الله أيها الأب في كسبك، وإعلم أن أبواب الكسب الحرام قد تنوعت وكثرت، فالربا، والرشوة، والسرقة من وقت الدوام، وقبض قيمة الإنتداب وأنت جالس في بيتك... كلها أبواب كسب محرم، فأطبْ مطعمك.

= الوصية الخامسة:

كن قدوة صالحة لأبنائك فلا تنه عن خُلق وتأتي مثله، إفعل أمامهم ما تحب أن تراه منهم، وان إبتليت بمعصية فإستتر ولا تجاهر بها، فإن الابن قد جُبل على حب محاكاة والده، فإحذر أن تغرس فيه خلقاً يجني عليك الندامة غداً، فكم من ابن كان سبب إنحرافه معصية حاكى فيها والده فأوردته المهالك.

= الوصية السادسة:

لا تنشغل عنهم فهم رأس مالك الحقيقي، ليكونوا معك أو كن معهم، أشغلهم بالخير وإلاّ شغلوك هم بالشر، ألحقهم برياض الجنة -حلقات تحفيظ القرآن- إصحبهم إلى بيوت الله وإلى صلة أرحامك، أبعدهم عن حياة اللين والترف، عليك بالتربية الجادة التي تخرّج رجالاً، لا شباباً هم للأنوثة أقرب منهم للرجولة.

فإذا بذلت أسباب الصلاح، ولم يكتب الله لهم الهداية فلا يضرك ضلالهم لأن عليك الدلالة والإرشاد وليس عليك التوفيق والهداية.

أسال المولى أن يصلح لنا ولك النية والذرية {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً}.

الكاتب: سعد بن عتيق العتيق.

المصدر: موقع إسلام ويب.